صناديد مصر
أهلا بك زائر غالى علينا
قم بالتسجيل لتحصل على كل شئ فى المنتدى

علاء خليل
صناديد مصر
أهلا بك زائر غالى علينا
قم بالتسجيل لتحصل على كل شئ فى المنتدى

علاء خليل
صناديد مصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صناديد مصر

منتدى يقدم كل ماهو مفيد لك مقدمة من علاء خليل
 
الرئيسيةALAAأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علاء خليل
Admin
علاء خليل


عدد المساهمات : 131
تاريخ التسجيل : 17/03/2014
العمر : 63

عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير) Empty
مُساهمةموضوع: عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير)   عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير) I_icon_minitimeالإثنين 6 ديسمبر 2021 - 1:05

عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير) 12039748_946472438800201_4548047990499487153_n
[size=32]بقلم - ابراهيم نافع[/size]
[rtl]التاريخ: 17 أكتوبر 1998[/rtl]

أنت ـ الآن ـ يا عزيزي في السفارة الإسرائيلية‏.‏
[rtl]المبني رقم‏(2)‏ في شارع بالاس جرين‏,‏ هو مقر السفارة الإسرائيلية في لندن منذ نشأة الدولة عام‏1948,‏ وقبل مائة عام‏,‏ كان يقطن هذا البيت ذا الواجهة المكونة من الطوب الأحمر‏,‏ وأطر النوافذ البيضاء مؤلف يهودي مشهور اسمه موزاريت مونتفريو‏.‏

المكان شكله موج غامض‏,‏ وباعث علي محاولة التقصي‏,‏ والاكتشاف‏!.‏
لايمكن لأحد أن يتصور طبيعة ما يجري داخل هذا المبني ـ الآن ـ من أحداث‏,‏ بطلها هشام محجوب‏..‏ الذي كان ـ دون أن يدري ـ قد بدأ انزلاقه في هذا الطريق منذ مدة طويلة‏..‏ ربما من اللحظة التي قابل فيها رأفت مدير الرويال لانكستر‏.‏

إن عشرات الصور تمر أمام عينيه ـ الآن ـ وعشرات الجمل يقوم باستدعائها إلي ذاكراته‏,‏ وجميعها جميعها تكتسب في هذه اللحظة معاني مغايرة‏,‏ لما حاول أن يخدع نفسه به من قبل‏,‏ أو ينفض تأثيره من دماغه ببساطة‏..‏ لقد حاول أن يتجاهل ويرفض‏,‏ الحقيقة‏,‏ التي تفرض نفسها ـ عليه ـ بقسوة في هذه اللحظات‏.

كان السنجاب حبيسا في دار السفارة الإسرائيلية في لندن‏!‏

وكان ذهاب هشام مع إدوارد إلي دار السفارة‏,‏ مثيرا للاهتمام والدهشة في آن واحد من رجال المتابعة‏.‏

إذ أنه من غير الطبيعي أو المنطقي‏,‏ أن تصطحب العميل‏,‏ إلي دار السفارة‏,‏ وإن حدث هذا فلابد أن يكون بسبب غير عادي‏,‏ أو استثنائي‏.‏

وفيما بعد ومن خلال أوراق التحقيقات انفكت طلاسم هذا العمل غير المفهوم‏,‏ عن حقيقة مذهلة‏,‏ حيث كان الصلف‏,‏ والغرور وتعالي الموساد‏,‏ هو السبب في تجاهل هذا الإجراء التأميني الأولي والبدائي‏..‏ إذ كان الجميع في الموساد يظنون أن جهاز المخابرات المصري لايمكن أن يكون متابعا للقصة منذ بدايتها علي هذا النحو‏,‏ كما تصور بعض أفراد الموساد‏,‏ أن اللجوء لتصرف غير طبيعي علي هذا النحو‏,‏ يحقق ـ في ذاته التأمين الكامل‏,‏ لأن أحدا لن يتصوره‏!!‏

أما في القاهرة فقد كان دخول هشام محجوب إلي دار السفارة الإسرائيلية في لندن‏,‏ يمثل لفريق إدارة العملية‏,‏ ضوءا أحمر‏,‏ يؤكد أن العملية دخلت بهذه الزيارة‏,‏ حيز التكليفات الحقيقية المباشرة لهشام‏..‏ وبدأت تحركات مضادة‏,‏ تقوم علي فتح قنوات اتصال‏,‏ بحذر‏,‏ مع بعض المحيطين بهشام في العمل‏,‏ وفي القاهرة‏,‏ وكذلك في لندن‏,‏ حتي تكون حركته وأهدافه مكشوفة من لحظة التكليف‏.

علي أية حال‏,‏ لقد أدخل الفأر نفسه في المصيدة‏,‏ وابتلع الطعم حتي آخره‏,‏ وجلس مذهولا في الغرفة الضيقة المغلقة بين أربعة جدران‏,‏ ووحيدا لمدة ساعة كاملة‏,‏ حتي فاجأه إدوارد بأنه داخل السفارة الإسرائيلية‏,‏ وأنه قد أصبح عميلا لهم سواء قبل أو لم يقبل‏!‏

ولما لم يجد إلا الصمت والذهول علي وجه هشام أكمل إدوارد‏,‏ ولكن بنبرة ناعمة وحنون أنت ـ الآن صديقنا ـ ونحن نمد يدنا إليك وعليك أن تقبل صداقتنا‏.‏

وفيما كان هشام يجلس علي مقعده بلاحراك‏,‏ كان إدوارد يدور حوله‏,‏ وهو يتلوي كحية ويضرب برفق علي راحة يده‏,‏ مستخدما فتاحة أظرف فضية‏.

كان ينتظر رد فعل من هشام يفيد الموافقة‏..‏ يسعي لمناقشة أي شيء‏.

ولكن هشام كان قد توقف عن التفكير‏,‏ وفقد ـ ولو مؤقتا ـ قدرته علي النطق‏!!‏

وعاد إدوارد يفصح عن شراسة متوحشة‏,‏ وهو يردد بنبرات هامسة‏,‏ ولكنها ضاغطة علي كل خلية من أعصاب هشام‏.‏

لدينا إيصالات بتوقيعك‏,‏ بلا تواريخ وصورة لك معنا والأوراق التي سبق وسلمتها لنا بخط يدك‏..‏ ونستطيع أن نضع عليها تواريخ قديمة‏,‏ تؤكد تعاملك معنا منذ سنوات طويلة‏,‏ بل إننا سوف نقوم بكتابة تقارير عسكرية وسياسية‏,‏ واقتصادية نقلد فيها خطك‏,‏ ونرسلها إلي المخابرات المصرية‏,‏ إذا لم تتعاون معنا وتصبح طوع إشارة من أصبع يدي الصغير‏..‏ وإذا حاولت ابلاغ السلطات المصرية‏,‏ فسنرسل كل هذا أيضا إلي المخابرات المصرية‏,‏ لكي يعرفوا أنك رجلنا منذ سنوات‏!!

أسقط في يد هشام‏,‏ وأدرك ساعتها أنه قد أصبح‏,‏ بالفعل‏,‏ سواء أراد أو لم يرد‏,‏ عميلا لإسرائيل‏.‏
كل ما فعله‏..‏ هو أن هز رأسه‏,‏ ثم أطرق غارقا في الصمت الرهيب‏.‏

وعندما أدرك إدوارد أن‏(‏ السيطرة‏)‏ علي العميل قد تمت علي أحسن وجه‏..‏ عاد مرة ثانية إلي الحديث إليه بلهجة ناعمة‏,‏ وحاول إخراجه من الإحساس القاتم الذي سقط فيه‏,‏ مطمئنا إياه‏,‏ أن أحدا لن يستطيع اكتشاف العلاقة أبدا‏,‏ وأنه يعمل مع أقوي جهاز مخابرات في العالم‏(‏ الموساد‏),‏ وأن هذه العلاقة ستمنحه مالا ووضعا لا يحلم بهما وبدأ إدوارد يحصل منه علي معلومات أكثر تفصيلا عن كل من يعرفهم في القوات المسلحة من أقارب وأصدقاء وفترة خدمته وتجنيده بالقوات المسلحة المصرية وقام بتلقينه بتعليمات الأمن اللازمة وحدد له موعدا في اليوم التالي‏.‏

وفي اليوم التالي‏,‏ كان لقاء آخر بين إدوارد وهشام في فندق ستراند‏,‏ مستغلين مداخله ومخارجه العجيبة في التمويه‏,‏ وتأمين اللقاء‏,‏ والعجيب أنهما لجآ للتمويه في مقابلات فندق ستراند‏,‏ بينما كان لقاء التجنيد الحقيقي قد تم في دار السفارة‏,‏ ودون أية سواتر‏.‏

جلس إدوارد إلي ضحيته الذي قد بدأ يفقد توتره وغضبه بخاصة أن إدوارد أعطاه مظروفا مليئا بأوراق مالية عند اللقاء في الفندق‏.‏

واتفق الطرفان‏,‏ علي أن يخرج كل منهما من أحد أبواب فندق ستراند‏,‏ ويستقل سيارة تاكسي‏,‏ تتجه إلي عنوان معين كتبه له إدوارد‏.‏

وحين وصلت السيارة الأجرة إلي هذا العنوان في ميدان سلون‏(‏ أحد أرقي أحياء العاصمة‏)‏ تبادل إدوارد وهشام النظرات‏,‏ ثم دلف كل منهما منفردا الي باب البناية‏,‏ التي تعلو محطة سلون سكوير لمترو الأنفاق‏!

وعندما وصلا إلي عتبة الشقة‏(83)‏ في الدور الثامن‏,‏ كان إدوارد يتلفت‏,‏ حتي يتأكد أن أحدا لم يتبعهما‏.‏

رن الجرس بسرعة‏,‏ ففتح شخص‏,‏ ليطل برأسه أولا‏,‏ ثم يدعوهما للدخول‏.

قام إدوارد بتعريف هشام‏,‏ بهذا الشخص‏,‏ وقال إن إسمه جورج‏,‏ وبدأت في هذه الشقة‏,‏ أولي وقائع تدريب الجاسوس هشام علي محجوب‏,‏ علي استخدام الحبر السري في الكتابة‏,‏ في مراسلته لهم وتحديد عنوان للتراسل‏.‏ وأسلوب استقباله للتعليمات الصادرة له منهم بواسطة الراديو‏.‏

وقد ساعدت دراسة هشام في معهد اللاسلكي علي هذا كثيرا‏,‏ ولم يكتف جورج وإدوارد بهذا‏,‏ بل أشارا إلي بعض ملاحظات‏,‏ يمكن إذا درسها هشام ومع بعض التدريب أن يجيد اسلوب اجادة العلاقات مع الآخرين وكيفية استخدام وسائل الاخفاء‏.

علي أية حال لقد بدأت تكليفات الموساد لهشام‏,‏ بالحصول علي معلومات متنوعة في المجال العسكري أو المدني وكان رجال المخابرات المصرية يتوقعون أن يتقدم هشام إليهم من تلقاء نفسه بعد هذه المرحلة للابلاغ عما حدث ولكنه فضل التعامل مع المخابرات الإسرائيلية‏.

وكانت فترات إقامة هشام في لندن‏,‏ أو في القاهرة تتجدد بنوع التكليفات‏,.

كانت كيمياء هشام تتغير من الداخل‏!.‏

نسي الصدمة والدهشة‏,‏ والغضب والخدعة‏!!.

وغرق إلي آخر مدي في تلبية إحتياجات جورج‏,‏ بل وأصبح ـ أحيانا ـ يبادر‏,‏ دون أن يطلب أحد منه بالإبلاغ عن أحوال بعينها‏!!‏ وإستمرت متابعة هشام مع إحكام السيطرة علي جميع تحركاته ومراسلاته السرية بالإضافة إلي دفع بعض الضباط من أصدقائه لمده بالمعلومات التي يرغب الحصول عليها لدسها عليه دون علمه بما يخدم المصلحة القومية للبلاد واستغلال ذلك في التحضير لخطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر‏1973.‏

[/rtl]
[rtl]أثناء وجود هشام في لندن كان دائم التردد علي حانة في منطقة نوتينج هيل جيت‏,‏ بجوار بنك باركليز‏,‏ اسمها البجعة وكان يحاول اجتذاب بعض الأفراد المصريين العاملين في مؤسسات مختلفة لمعرفة أي أخبار منهم بدعوتهم إلي مشروب فيها‏,‏ والثرثرة معهم عن كل شيء‏.

وقد كان مكان هشام المفضل هو الجلوس علي البار في أخر مقعد علي الشمال‏,‏ حتي يستطيع أن يري في المرآة المواجهة له‏,‏ ما إذا كان هناك من يراقبه خلف ظهره‏..‏ وكان موقع هذه الحانة قريبا من رويال لانكستر‏,‏ أو الفندق الذي كانت بعض مجموعات مصر للطيران تنزل فيه‏,‏ وكان هشام بوصفه زميلا لهم‏,‏ يحاول أن يستدرج بعضهم إلي معرفة معلومات عن من الذي كان يجيء علي طائرات مصر للطيران‏,‏ وبالذات من المسئولين‏,‏ وكان ذلك في كثير من الأحيان ـ وقتها ـ سرا لايعلمه أحد‏,‏ كما كان موقع هذه الحانة قريبا من مدخل شارع بالاس جرين‏,‏ الذي يخترق حديقة كينزنجتون الملكية‏,‏ وهو الموقع الذي توجد فيه السفارة الإسرائيلية‏,‏ تلك التي ارتبطت في ذهن هشام بذكري لاتنسي‏!

نعم كانت كيمياء هشام تتغير‏!.

كان يسأل الطيارين بطرق غير مباشرة وأساليب لا تثير الشكوك عما اذا كانوا قد لاحظوا تغييرات معينة في القواعد العسكرية‏,‏ التي تمر طائراتهم إلي جوارها‏,‏ وكان يسألهم عما إذا كانوا مازالوا يلتقون بزملائهم الطيارين العسكريين‏,‏ الذين تزامل بعضهم معهم في الكلية الجوية وقت الدراسة‏,‏
ويسأل عن أنواع الأسلحة الجديدة‏,‏ والروح المعنوية داخل الجيش‏,‏ وقدرات سلاح الطيران‏.‏

ثم إنه كان يسأل ـ عن بعض قواعد القوات الجوية بالذات‏.

وكان رجال المخابرات المصرية الذين يتابعون العملية في القاهرة ولندن‏,‏ يلاحظون أن السنجاب نشيط جدا‏,‏ في جمع ثمار البندق والكستناء‏,‏ وأن الجاسوس قد نشط في جمع الأخبار والمعلومات‏.‏

وبدأت مرحلة معقدة جدا من متابعتهم للعملية‏,‏ إذ عمدوا الي تسريب البيانات والأخبار المضللة إلي هشام‏.‏

وإستمر استخدام عناصر من العاملين في مصر للطيران‏,‏ والمؤسسات المصرية في لندن وبعض أصدقاء شقيقه في القوات المسلحة لتسريب معلومات تسبب ـ دون أن يدري ـ في إرباك القرار العسكري الإسرائيلي‏.‏

كان العمود الفقري لهذه المعلومات هو الحديث عن أن جزءا كبيرا من طائرات سلاح الجو المصري السوفيتية الصنع‏,‏ سوف تصبح خردة في ظرف شهور‏,‏ إذا استمر تباطؤ موسكو في إمداد مصر بقطع الغيار وأن النسبة الغالبة من المعدات الخاصة الموجودة في قاعدة كوم أوشيم‏,‏ لاتستطيع الصمود في معركة يزيد طولها علي‏48‏ ساعة‏,‏ لعدم توافر خطوط ذخيرة‏,‏ أو قطع غيار‏.‏

وأن بعض القادة والضباط قد بدأوا بالفعل تنفيذ‏,‏ مانشرته بعض صحف القاهرة‏,‏ من الحصول علي إجازات لأداء العمرة‏!.‏

وفوق هذا مجموعة من التصريحات المكذوبة‏,‏ والمنسوبة إلي القادة تؤكد أن احتمال الحرب هو احتمال مستحيل‏,‏ وأن التصريحات السياسية التي تؤكد مثل هذه المسألة هي محض أقوال للاستهلاك المحلي‏.‏

وإمعانا في زيادة مصداقية هذه المعلومات الكاذبة‏,‏ لدي العدو‏,‏ فقد كان رجال المخابرات المصرية يزودونه هنا ــ عن طريق وسطاء طبعا ــ بتفاصيل فنية تزيد من أرجحية وثقل‏,‏ المعلومات التي سينقلها إلي إسرائيل‏,‏ وإلي الموساد‏.‏

من ضمنها مثلا أن خراطيم الوقود في الطائرات المصرية‏,‏ السوفيتية الصنع‏,‏ في شح شديد‏,‏ وأن هذا العيب في ذاته كفيل بتعطيل جزء غير بسيط من طاقة وقدرة سلاح الجو في مصر‏,‏ وأن أجهزة التنشين الليلي لم تصل إلي القاهرة‏,‏ ومن ثم لم يتم تركيبها علي بعض المعدات بما يضعف قدرة هذه المعدات علي القتال في جميع الأجواء‏.‏

وأخيرا فقد كان هشام ـ القناة التي عملها ـ ينقل معلومات خاطئة إضافية لإسرائيل‏,‏ عن نيات مصرية بتسريح دفعات كبيرة من قواتها المسلحة‏,‏ وأن المناورات التي تقوم بها هذه القوات‏,‏ هي مجرد محاولات فاشلة‏,‏ لرفع الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة حتي لايتمردوا ولخداع الشعب حتي لايثور‏!!.‏

لقد تم استخدام هشام في فصول خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر‏1973,‏ حتي ساهمت المعلومات التي نقلها في إقناع قادة إسرائيل بأن مصر لن تحارب ولو بعد مائة عام‏!.‏

أما هشام نفسه‏,‏ فقد بدأ يتصرف كجاسوس محترف‏!!.‏

وكان ينوع مداخله‏,‏ وطرق وصوله إلي كل من شقة جورج في سلون سكوير‏,‏ أو إلي دار السفارة الإسرائيلية في بالاس جرين‏.‏ فمرة يدخل إلي بالاس جرين من ناحية نوتينج هيل جيت‏,‏ بعد أن يكون قد احتسي مشروبا في حانة سوان‏,‏ أو جلس يعتصر بعض المعلومات من شخصية يختارها بدقة‏..‏ ومرة يدخل إلي نفس الشارع من بالاس جيت‏,‏ وشارع كينزنجتون جروف العريض الشهير‏,‏ الذي تربض فيه قاعة الموسيقي العظيمة رويال ألبرت هول‏,‏ كإحدي علاماته التي لاتغيب عن البال‏!.‏

أما شقة جورج فقد كان يصل إليها أحيانا بتاكسي‏,‏ أو يجلس علي مقهي بالم تحتها‏,‏ ثم يتمشي إلي بوابة بنايتها‏,‏ أو يركب مترو الإنفاق‏,‏ ويركب المصعد من النفق مباشرة‏,‏ دون حاجة إلي أن يظهر علي سطح الأرض‏.‏

وبدا هشام منهمكا في عمليات جمع المعلومات‏,‏ وتسليمها باليد‏,‏ أو إرسالها بالشفرة وبالحبر السري‏,‏ علي عناوين بعينها في أوروبا‏,‏ وفي إنجلترا نفسها تم تلقينها له‏,‏ كما بدا منهمكا في الحصول علي المال‏,‏ بل وبدأ يدخل في عمليات مساومة حول زيادة سعر المادة التي يأتي بها‏.‏

بعبارة أخري بدأ يعرف قيمة البضاعة التي يبيعها‏..‏ البضاعة التي لم تكن تعني ـ من زاوية أخري غير تلك التي ينظر منها ــ سوي الوطن وشعب هذا الوطن‏..‏ الأباء‏,‏ والأشقاء‏,‏ والأبناء‏,‏ والأصدقاء‏.

وكذلك بدا هشام أثناء وجوده في لندن منهمكا في أن يعيش فصول حياته الجديدة‏,‏ حيث يذهب إلي كازينو البلاي بوي وحده‏,‏ وإلي المطاعم الفاخرة‏,‏ وبدأ يتعلم مصادقة البنات‏,‏ والأنفاق عليهن‏..‏ بل وبدأ يحجم عن إمداد أبيه بكل المصروفات اللازمة لعلاجه‏,‏ مفضلا أن ينفق ماله علي هذا اللون من الإنفاق الجديد‏..‏ واللذيذ‏!!.‏

كما أصبح المكتب الذي استأجره في مصر‏,‏ يسبغ وجاهة شديدة علي شاغله‏!.

وبالطبع عرف هشام أنه لاتوجد شركة بلجيكية للجرارات ولايحزنون‏,‏ وأصبحت صفة هذا المكتب‏..‏ استيراد بعض الأجهزة الكهربائية الكمالية التي لاتصنعها مصر‏,‏ وطرحها في المعارض التي تزخر بها الأسواق‏!!.‏

وفي يوم السبت السادس من أكتوبر‏,‏ وفي الساعة الثانية والنصف‏,‏ كان هشام يتسكع في شوارع القاهرة‏,‏ باحثا عن قميص ظريف‏,‏ ورابطة عنق‏,‏ يرتديهما في سهرة صاخبة كان قد خطط لها‏.

وفجأة تسمر في مكانه‏,‏ إذ طرقت أذنه بعنف عبارة‏,‏ أطلقها رجل جواره‏,‏ وهو يخاطب آخر‏.‏
الحرب قامت‏..‏ ومصر وسوريا هاجمتا إسرائيل‏!‏[/rtl]
[rtl]لم يكن هشام يدري ـ بالضبط ـ مانوع هذا الشعور العفوي التلقائي الذي بدر منه عندما سمع الجملة‏..‏ كان شعورا فاقد الهوية‏,‏ يتأرجح بين الفرح والغضب والخوف‏,‏ إلي أن إستقر‏,‏ بتأثير العوامل الواقعية‏,‏ التي تشكل حدود ملعبه الحالي‏,‏ إلي أن يصبح شعورا بالخوف‏,‏ والرغبة في أن تنهزم مصر وتنهزم سوريا‏!!.‏

عاد هشام بسرعة إلي منزله وبدأ في أرسال خطابات للموساد علي العناوين المحددة له ولكنها لاتصل حيث كانت المخابرات المصرية تحصل عليها قبل وصولها الي العدو‏.‏

وكانت الساعات التالية تحمل أنباء الاكتساح الهادر الذي حققته القوات المصرية لخطوط إسرائيل‏..‏ وبدأ هشام يشعر أنه أصبح مسكونا بالخوف‏,‏ واستمر يحاول الاتصال بإدوارد وجورج من خلال الخطابات‏.‏

نزل هشام إلي الشارع يحاول إلهاء نفسه بأي شئ‏!‏

لم يكن يفكر سوي في نفسه‏.

لم يتذكر حتي أمه‏,‏ أو أخاه الذي لابد أنه ــ في تلك اللحظات ــ كان يشارك في القتال المستمر الذي يدور خندقا بخندق‏,‏ وموقعا بموقع‏.‏

وانطلقت المسيرات في مصر تؤيد القوات المسلحة وتزغرد من أجل العبور‏.‏

هذا المشهد العظيم في أكتوبر‏1973,‏ جعل هشام علي يقين بأن طريقه‏,‏ هو في اتجاه واحد‏,‏ إلي إسرائيل‏!!.

وبعد أن انتهت الحرب التي أعادت الكرامة لكل العرب‏,‏ وحطمت غرور إسرائيل وأذاقتها الذل‏,‏ دخل هشام علي محجوب مرحلة جديدة في علاقته بإسرائيل‏,‏ إذ كان يود أن يؤكد للموساد إخلاصه‏,‏ وأن المعلومات التي ينقلها إليهم صحيحة‏,‏ وأنه لايعرف كيف إستطاعت مصر أن تحارب‏,‏ علي الرغم من كل المعلومات التي توافرت لديه قبل ذلك‏,‏ والتي نقلها جميعا إلي إسرائيل‏.‏

ومن جهة أخري فقد كان الموساد يشك ــ بقوة ــ في هشام بعدما اعتمدت قيادات لقطاعات كثيرة من الجيش الإسرائيلي‏,‏ علي المعلومات المضللة التي كان يمدها بها‏,‏ واتخذت من القرارات قبيل القتال‏,‏ وأثناءه‏,‏ مانجمت عنه هزيمة إسرائيل الكاسحة‏.‏

إنغمس هشام ــ أكثر ــ في وحل الهوان والخذلان ــ‏,‏ بذهابه إلي إسرائيل بجواز سفر باسم آخر‏,‏ من مطار أورلي في فرنسا‏.‏

وفي تل أبيب قام رجال الموساد ــ بحضور إدوارد الذي كان يقول دائما‏:‏ معي الكتالوج الخاص بهذا الولد ـ باستجواب هشام‏,‏ وذلك للتأكد من أنه ليس كاذبا‏.‏ ثم رأي الموساد أن يعاد تدريب هشام من جديد‏,‏ علي استخدام جهاز لاسلكي حديث‏,‏ ثم عاد إلي فرنسا ومعه جهاز لاسلكي عبارة عن بار خشبي للتمويه‏.‏

كل هذا وعيون مصر الساهرة تتابعه في كل خطوة‏,‏ حتي داخل إسرائيل نفسها‏.

وبعد عودة هشام للقاهرة‏,‏ دخل رجالنا إلي مقر إقامة هشام‏,‏ وعطلوا جهاز اللاسلكي‏..‏ وكانت هذه رسالة أزعجت الموساد جدا‏,‏ إذ أن تعطيل الجهاز بهذا الشكل كان يعني أن هشام تحت الرقابة‏,‏ إلا أن الكفاءة الفنية المذهلة لرجالنا‏,‏ جعلت عملية تعطيل الجهاز تبدو‏,‏ وكأنها عملية طبيعية وليست وليدة تخريب‏!!‏ حيث سبق التعرف علي إمكانيات هذا الجهاز من عمليات سابقة في المخابرات المصرية‏.‏

ومرة أخري سافر هشام إلي تل أبيب ــ عبر فرنسا ــ حيث تم تدريبه علي جهاز لاسلكي آخر جديد ووضع في وسيلة إخفاء مختلفة‏(‏ ثلاجة صغيرة‏).‏

وعند ذلك صدر قرار جهاز المخابرات العامة في مصر‏,‏ بإغلاق ملف عملية السنجاب‏,‏ بعد أن أدت دورها وحققت أغراضها لمصلحة الأمن القومي المصري‏.‏

وصدرت التعليمات إلي عناصر الأمن المصرية من كلمة واحدة المتفق عليها وهي الصاعقة ليتم القبض علي هشام بالتنسيق مع نيابة أمن الدولة‏.‏

هل تريدون أن تعرفوا آخر ورقة في ملف هذه القصة التي تمتزج فيها البطولة والنصر‏,‏ بالخزي والخذلان‏,‏ والصعود بالسقوط‏,‏ بطولة رجالنا الذين يسهرون علي سلامة الوطن وسلامة المواطن وخزي وخذلان من باعوا الأوطان بأرخص الأثمان؟‏.‏

في القاهرة جري التحقيق معه‏,‏ بمعرفة رجال نيابة أمن الدولة‏,‏ وقدم للمحاكمة‏,‏ وأمام المحكمة اعترف تفصيليا بخيانته وعاره‏.

وكان الحكم الرادع هو الإعدام‏.‏

ولكنه لم يصل إلي منصة الإعدام‏,‏ فقد مات في السجن قبل التنفيذ‏,‏ وهو ـ في الحقيقة ـ كان قد مات قبل ذلك بوقت طويل‏..‏ طويل‏..‏ منذ أول لقاءاته مع العدو بقلب ميت وضمير ميت‏.[/rtl]
[rtl]النهاية[/rtl]
[rtl]المصادر [/rtl]
[rtl]http://www.albayan.ae/one-world/1998-10-17-1.1020548[/rtl]
[rtl]http://vb.al-wed.com/showthread.php?s=811e6897a7a9071aa83193daf82b7ba1&t=12453&page=2[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alaakhalil.yoo7.com
 
عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثالث والأخير)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الأول)
» عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثانى)
» عملية العراف– من اقوى واذكى العمليات فى تاريخ المخابرات المصرية
» جنود الصاعقة
» جدول امتحان الثانوية العامة 2013 / 2014

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صناديد مصر :: قصص وبطولات :: مخابرات-
انتقل الى: