علاء خليل Admin
عدد المساهمات : 131 تاريخ التسجيل : 17/03/2014 العمر : 63
| موضوع: عملية الصاعقة:من ملفات المخابرات العامة المصرية (الجزء الثانى) الإثنين 6 ديسمبر 2021 - 0:57 | |
| [size=32]بقلم - ابراهيم نافع[/size] [rtl] التاريخ: 17 أكتوبر 1998[/rtl] [rtl] الفصل الثاني: مطاردة السنجاب! في إحدي حجرات مبني المخابرات العامة, كان أفراد المجموعة التي تتابع الموضوع, قد انهمكو في مناقشة تفاصيل هذه العملية, التي اكتملت بداياتها, وتنبيء بأن الموساد وجد منفذا إلي عميل جديد. وكانت كل الاحتمالات موضوعة علي المائدة, أحدها أن تتم متابعة تحركات هشام في القاهرة, فإذا ما أخذت عملية جمعه للمعلومات بعدا معينا, يتم القبض عليه متلبسا, ويواجه باتصاله بعناصر الموساد في لندن, أما الاحتمال الثاني فكان أن يترك لينفذ كل تكليفات الموساد, ومن هذه العملية يتعرف أفراد الجهاز المصري, علي نقاط اهتمام وتركيز العدو, والمعلومات المطلوب وصولها إليه أما الاحتمال الثالث فأن يتقدم هشام للابلاغ عما حدث ويعتبر بذلك مواطنا مصريا يتمتع بالوطنية فيتم تكليفه بالعمل كعميل مزدوج. ثم كان الاحتمال الرابع, الأكثر تعقيد, والذي يقوم علي فكرة الاستخدام العكسي للجاسوس, أو معرفة طبيعة التكليفات الموكلة إليه, دون أن يدري ثم إمداده بمعلومات مضللة, بما يربك قيادة العدو, ويشوش تفكيرها أي اعتبار الجاسوس كالقناة, كما تنقل خلالها تكليفات من جانب العدو, يتم تسريب معلومات كاذبة ـ خلالها ـ من جانبنا الي العدو. وهشام حتي هذه المرحلة, لم يتورط في شيء, فقد كان ماحدث هو مجرد لقاءات ووعود, وستمائة دولار دفعت بإيصال, كما لم يتلق الجانب الإسرائيلي بعد أية معلومات, بل ولم يشرع في إعطاء هشام التكليفات الحقيقية الكبيرة اذن.. الفأر مازال طليقا حرا لم يدخل بعد إلي المصيدة, وإنما كان قد تلقي الطعم وابتلعه. ولأن مثل هذه المساحات ليس فيها مجال للهزل, أو التراخي, فإن التحرك يحسب علي احتمال الواحد في الألف, ومن ثم فقد بدأت المراقبة المستمرة للهدف, بدءا من اتصاله بضابط الموساد الاسرائيلي, الذي حمل اسم ادوارد كوشير, وصفته رجل اعمال انجليزي مسيحي من أصل لبناني! كان الاسم الكودي الذي أطلق علي هشام في جهاز المخابرات العامة المصري هو( السنجاب), تشبيها له بذلك الحيوان الذي يمضي وقته في جمع ثمار البندق والكستناء في حدائق لبنان, ليخزنها ويخبئها ويستعملها فيما بعد, بالضبط مثلما يفعل الجاسوس حين يجمع المعلومات,. ومن ثم فقد وضع السنجاب تحت المراقبة الكاملة, لمعرفة أي تطورات تطرأ علي علاقته بالاسرائيليين. وفي الاسبوع الأول من يونيو عام1972 عاد هشام محجوب إلي القاهرة, ومعه والده الذي كان مازال يتلقي علاجا بالمواد الكيمائية وذلك لاستكمال علاجه بالقاهرة. كانت القاهرة تصطخب بمشاعر وأفكار عجيبة, إذ كانت ـ علي الرغم من مرور شهور سته ـ مازالت تحت تأثير مظاهرات الطلبة والعمال الهائلة, واعتصام ميدان التحرير الشهير, وصيحات الاحتجاج, والاتهامات بالتراخي, بسبب عدم قدرة القيادة السياسية علي أن تبر بوعدها في أن يكون عام1971 هو عام الحسم!! بلد بأكمله يقف علي أطراف أصابعه, وتشكل مانشيتات الصحف منظر حياته اليومية, وحالته العصبية والمزاجية الجماعية!! الجرائد هذه الأيام كانت تعج بأخبار وأفكار ساخنة: محمد حسنين هيكل يكتب في مقاله بصراحة متناولا كيف هزمنا في عام1967 ولماذا هزمنا, وما الذي هزم فينا, وأين الطريق لتصحيح الهزيمة؟ ويقول أن هذه الأسئلة راودته ولم يتوصل لإجابات كاملة عنها!!. والأهرام يعلن عن أجرأ عملية فدائية في أرض العدو.. وأن ثلاثة يابانيين من صفوف المقاومة الفلسطينية حولوا مطار اللد إلي جحيم من النيران,27 قتيلا بينهم أكبر علماء الجيش الإسرائيلي.. الجرحي أكثر من80 نصفهم في حالة خطرة.. عاصفة من التفجيرات تستقبل نيكسون,12 تفجيرا أصاب أحدها مستشار الرئيس الأمريكي لشئون إيران.. العراق تؤمم شركة النفط العراقية.. وسوريا هي الأخري تؤمم شركة النفط السورية.. القذافي يعلن أن مفتاح حل مشكلة احتلال الأراضي العربية في يد السادات الذي تتوافر لديه استعدادات للمعركة أكثر من أي وقت مضي.. مسئول مصري يعلن أن المناورات العسكرية المصرية مستمرة منذ6 شهور.. زلزال في القاهرة شعر به كل السكان لقوته.. غرق معدية في النيل تحمل50 شخصا قرب بنها إسرائيل تهاجم لبنان بقوات برية وجوية وتأسر5 ضباط سوريين, وآخر لبنانيا, وتتسبب في مصرع18 شخصا.. مجهول يلقي قنبلة علي السفارة المصرية في روما.. رئيس الأركان الاسرائيلي يشير الي حشود مصرية علي الحدود, ويطالب برفع درجة الاستعداد). كان هذا هو شكل مصر المحروسة وقت أن عاد هشام علي محجوب إليها محملا بأول تكليف لجمع المعلومات حتي وإن كان بريئا,. حتي وإن كان محدودا., إذ أن الموضوع كله كان بالون اختبار لقدرات هشام, ولمدي التفات المخابرات المصرية إليه وإلي بدء إتصالاته بالموساد. وفي الغرفة التي اجتمع فيها أفراد المجموعة المكلفة بالعملية, كانت الخطط قد وضعت لمطاردة السنجاب في القاهرة, والوقوف علي كل تفاصيل تحركاته.[/rtl] [rtl] في بداية وصول هشام للقاهرة, نزل في فندق كليوباترا في ميدان التحرير لمدة ثلاثة أيام حتي ينتهي من مهمته, لم يكن يدري أنه يقوم بمهمة ذات طابع سري, ولكن فقط كان يود أن ينجز بسرعة, وبكفاءة بعيدا عن ضجة البيت عند أمه وزيارات الأقارب والأصدقاء. وفي الفندق كان أحد رجال المخابرات المصرية, يجلس في صالة الاستقبال كواحد من موظفيه, لاستلام هشام عندما يدخل, وعندما يخرج يسلمه لزميل له علي مقعد سيارة أجرة في منطقة انتظار السيارات ليبدأ في ملاحقته من ساعة خروجه من الفندق, وركوبه سيارته, أو أول سيارة أجرة, وكانت السياره الأجرة الواقفة في أول طابور انتظار التاكسي ـ نفسها ـ بقيادة أحد رجال جهاز الأمن المصري. ولم يتركوه لحظة واحدة, وهو يتجول علي مكاتب السماسرة, للسؤال عن أسعار الأراضي., أو مكاتب موظفي التليفونات للبحث عن خط تليفوني بطرق ملتوية إبان ازمة التليفونات المستعصية بل أنهم لم يتوقفوا عن متابعته حتي إذا صعد أحد مكاتب السماسرة, حيث كان لابد أن يصعد وراءه أحد رجالنا ليعرف بالضبط أين صعد, ومع من تكلم أو تعاقد, وحتي مكتب السمسرة نفسه سوف يكون موضع تحقيق دقيق بعد انصراف الشخص المراقب! حتي احتمال أن يكون رجل الموساد قد درب هشام بعيدا عن أعين رجال المخابرات المصرية علي فنون الهروب من مطاردة السيارات, لم يترك دون احتياط, فإذا لجأ هشام إلي إجراءات تأمينية ليعرف ما إذا كان أحد يلاحقه أم لا, كان يدخل ـ مثلا ـ في شارع سد بالسيارة, ليعرف ما إذا كانت السيارة خلفه ستدخل هي الأخري أم لا, أو أن يقوم باللف حول ميدان مرتين أثناء قيادته للسيارة, أو حتي بالتاكسي الذي يركبه فإذا قامت السيارة خلفه باللف مرتين عرف أنها كانت تتابعه وتطارده, وبالتالي يتجه وجهة اخري أو يعود أدراجه, وهنا يجب أن ينسحب رجل الأمن ويتصل بسيارة أخري من أقرب نقطة لتتولي من جهتها المراقبة والمتابعة. وعلي الرغم من أنه ثبت أن هشام لم يدرب علي تقنيات الهروب من المتابعة إلا أن المراقبة إستمرت لحظة بلحظة, وكانت حصيلتها بالتحديد أن معظم الأماكن التي سأل هشام عن أسعار إيجارات المكاتب فيها والتي أخبره إدوارد أنها ستكون مناسبة لمقر الشركة, كانت تقع علي طرق رئيسية التي درجت القوات المسلحة علي استخدامها ليلا لنقل العتاد والجند, أثناء التحركات أو المناورات. أما أماكن قطع الأراضي التي كلفوه بالسؤال عنها لبناء المصنع, فكانت كلها تقريبا في دائرة واحدة, تقع حول, أو في منطقة كوم أوشيم بمحافظة الجيزة, وهي تلك المنطقة التي توجد بها قاعدة, تدخل ضمن نطاقات الدفاع الجوي عن القاهرة الكبري!! وبعد أن أمضي هشام محجوب ثلاثة أيام في الفندق, ذهب إلي شقة أسرته وأمضي هناك بقية أيام الشهرين اللذين أمضاهما في القاهرة. في أواخر أيام الاجازة كان هشام تواقا للعودة الي لندن, وتوصيل المعلومات المطلوبة إلي إدوارد كما يتحصل منه علي دفعة مالية جديدة وبخاصة أن زوجته كانت قد اتصلت به من لندن وطلبت منه مبلغا إضافيا لمصاريف العلاج. لم يعد هشام ملتفتا في الكثير أو القليل, إلي عمله في مصر للطيران, كل ذرة من تركيزه كانت منصبة علي العمل مع إدوارد, وذلك الجو الفخيم, المليء بموائد العشاء الفاخر, في أكبر الفنادق, وأهم أنواع النبيذ, ونوادي القمار, وآفاق الأهمية التي تنبيء بها. وطوال المسافة التي قطعتها الطائرة به في نهاية إجازته إلي لندن, لم يكن في ذهنه شيء سوي مدي رضاء إدوارد عنه, عندما يعود اليه بالمعلومات ولم يكن في ذهنه أن عيون رجال المخابرات المصرية تتابعه خارج وداخل البلاد.[/rtl] [rtl] هذه المرة حمله التاكسي من المطار إلي فندق شديد الفخامة إسمه السافوي كورت, وكان إدوارد قد اتفق معه علي أن ينزل فيه لدي عودته من القاهرة, وأن( الشركة) ستقوم بدفع الحساب!! والحقيقة أن إدوارد كان يحرص من وراء اختياره لهذا الفندق بالذات, إلي تحقيق عدة أهداف في وقت واحد: أولها أنه بعيد عن فندق رويال لانكستر, الذي اعتادت أفواج مصر للطيران النزول فيه في ذلك الوقت, والذي كان هشام دائم التردد عليه للالتقاء مع أعضاء الأطقم أو إاصطحابهم إلي الخارج.. ثم أنه فندق مبهر بالفعل والاقامة الملوكي فيه تدخل خطة إبهار هشام التي بدأت بكازينو البلاي بوي, وهو ـ كذلك ـ يقع أمام فندق ستراند مباشرة( وهو فندق كما سنري له مداخل ومخارج مختلفة وعجيبة, يمكن أن تستخدم بنجاح في عمليات تأمين اللقاءات وأخيرا فإن وجود المدخل الخاص( حارة صغيرة) في فندق سافوي كورت يجعل أية عملية مراقبة ـ إذا أراد صاحبها ألا تنكشف ـ أن تبدأ من شارع ستراند, أي خارج الممر, وبالتالي فإن هشام أو إدوارد, يمكن أن يستقل تاكسيا من داخل هذا الممر ويمرق به إلي الشارع العمومي من دون أن يلاحظه أي مراقب!! أنهت موظفة ااستقبال إجراءات تسجيل وصول هشام, بينما, هو يلقي بنفسه علي أحد المقاعد المتناثرة في الصالة علي أرضية مربعات من الرخام الأبيض والأسود, تناثرت عليها سجاجيد قديمة, ورفع ناظريه إلي السقف الذي ترصعه12 نجفة أثرية من الزجاج المصنفر والنحاس الأوكسيديه, وأخذ يسلي نفسه بمراقبة الداخل والخارج من البابين الدوارين, اللذين تعلو كل منهما من الداخل نصف دائرة من زجاج أخضر فاتح, واللذين يفضيان إلي الممر الخارجي, حيث يوجد سافوي تياترو, أو مسرح سافوي ومجموعة من المتاجر الفخيمة,وموقف لسيارات الأجرة السوداء التقليدية, يعلوه سقف شفاف من الزجاج المصنفر. كانت التعليمات إلي هشام واضحة.. الا يتصل بإدوارد وأن ينتظر أن يتصل به إدوارد, بحجة أن رأفت دائم التردد علي مكتب إدوارد ولا يجب أن يعرف شيئا عن اتصال هشام بالمكتب, حتي لايقحم نفسه علي البيزنيس الجديد. إذن فسوف يبقي هشام أسيرا داخل هذا الفندق الجميل, إلي أن يحدث الإتصال الموعود. ومر يوم بأكمله دون أن يحصل هشام علي الاتصال, وبدأ هشام يمضي معظم الوقت في غرفته, إذا هاجمته هواجس مبررها أنه إذا جلس في صالة الاستقبال, فقد لايسمع النداء الصوتي إذا ما جاءته المكالمة. وحين رن جرس التليفون في غرفته, في اليوم التالي, كان أجمل ماسمع هشام في حياته, قفز من علي سريره, والتقط السماعة بفرح فوار, وعلي الجانب الآخر من الخط كان صوت إدوارد, يسأله عن صحته, وهل أنجز جمع المعلومات اللازمة.. ثم يضرب له موعدا في مطعم ريفر, ولما سأله هشام عن مكان هذا المطعم, ضحك بصوت عال, قائلا إنه تحتك يا هشام, في نفس الفندق. وفي الثامنه مساء( الموعد المضروب) كان هشام قد ارتدي حلة رمادية غامقة ورابطة عنق فاخرة الألوان, وهبط إلي مطعم ريفر, حيث مدخله من ردهة الاستقبال, حيث هبطت به عشر درجات سلم, إلي باب خشبي بزجاج علي شكل مربعات.. وبينما علي جانبي السلم درابزين من الحديد الأسود المشغول, والمجموعة كلها ـ أفضت به إلي بهو رحب جدا تتوسط سقفه نجفة اثرية ضخمة جدا, وتتناثر فيه المقاعد, والأرائك ذات الألوان الداكنة وفي الركن ساعة أثرية ايضا( تيمفوس فوجيتسل), ووراء هذا الباب بيانو أسود حوله جدران مغطاة بورق حائط مشغول منه فيه, باللون السالمون الفاتح, وحول هذه القاعة25 عمودا رخاميا من الجرانيت الوردي الفاتح المعروق بعروق غامقة. وبعد هذه الردهة كان المطعم الكلاسيكي الجميل( ريفر). حياة هشام الآن ـ أصبحت الفرجة والإستمتاع, بهذه المطاعم والفنادق, ومحاولة إرضاء إدوارد والحصول علي ثقته.[/rtl] [rtl] علي مدخل المطعم كان إدوارد في انتظاره, يرحب به علي الطريقة العربية, مقبلا إياه علي خديه الأيمن والايسر, بما لفت أنظار المحيطين, إذ كانت تلك التقاليد العربية غير معروفة ـ بعد ـ في بريطانيا. جلس الصديقان علي مائدة في مكان بارز, واستمع إدوارد إلي الحصيلة التي رجع بها هشام, ولفت نظره دقتها هذه المرة بسيل متتال من الاسئلة يغلفها بعبارات تقدير عن إنجاز هشام. عمل عظيم ومجهود رائع.. سوف تقوم الشركة بدراسة جدوي المشروع, علي ضوء المعلومات التي قدمتها.. ولكن الشركة تريد بعض المعلومات عنك, وعن شهادتك وأسرتك. وهنا أجابه هشام.. والدي ضابط في القوات المسلحة لواء علي المعاش الآن, ولي ثلاثة أخوة من الذكور, واحد ضابط في القوات المسلحة, والثاني مهندس, والثالث موظف وسبق له الخدمة كمجند بالقوات المسلحة. وواصل إدوارد الضغط علي هشام بالأسئلة: في أي سلاح كان والدك يخدم.. وماهو وقت خروجه إلي المعاش, وهل مازال يلتقي زملائه القدامي وتلامذته.. وأين يخدم أخوك, وفي أي سلاح, وهل ينتظر أن يتم تجنيد أخوك المهندس كضابط احتياط. وكان هشام يجيب, والخاطر المسيطر عليه أن يرضي إدوارد, وأن كل هذه الأسئلة للتعرف علي مستواه الاجتماعي, إذ ربما يكون للوظيفة المنتظره جانب يحتاج الي مثل هذه المعلومات!! وطلب إدوارد من هشام أن يشرع في تأجير شقة خالية في القاهرة, وأن يزودها بجهاز تلكس, وتليفون, وأعاد عليه التأكيد استعداد الشركة لدفع الرشاوي المطلوبة, كما طلب منه أن يحاول توطيد علاقته ببعض العاملين بمصر للطيران, إذ ربما سنحتاج إلي مهندسين ميكانيكيين في الشركة, وأخيرا فإن إدوارد لوح لهشام بأنه قد يلتقي خلال أيام بمدير الشركة البلجيكية. وأخيرا, بينما هشام يتابع في اهتمام لاهث, قال له إدوارد ان كل مقابلاتنا, بدءا من الآن, ستتم في فندق ستراند المقابل لفندق سافوي, وعلل إدوارد هذا بأنه رجل معروف في مجال البيزنيس ولا يريد أن يرصد أحد من منافسيه تحركاته, إذ ربما يؤدي ذلك إلي استنتاجهم طبيعة نشاطه المقبل. وكان هشام قد عطل عقله تماما, وأصبح علي إستعداد لقبول أي اشياء تقال بسهولة حتي ولو كانت مجرد كلام فارغ. ولكي يدعم إدوارد استقرار هشام الداخلي, وارتباطه اعطاه مرتب شهرين مرة واحدة بايصال بدون تاريخ, وابلغه أن التعيين سيتم فور مقابلته لرئيس الشركة البلجيكية. وخرج هشام بعد ذلك العشاء وهو يشعر أنه علي أبواب أهم مراحل حياته.. علي ابواب النجاح الحقيقي. وفي اليومين اللذين تليا ذلك اللقاء المفصل, عاد هشام إلي انتظار مكالمة إدوارد التي سيخبره فيها بموعده مع رئيس الشركة البلجيكية. وكالعادة مر هشام بفصول الملل كلها, وهو ينتظر مكالمة إدوارد ثم جاءه أخيرا صوت إدوارد يقول عندي خبر سار لك لقد وصل الي لندن مدير الشركة البلجيكية, وعليك بالحضور غدا صباحا لمقابلته في فندق ستراند بالاس, حيث ينزل, وأن تكون آخر شياكة, وتلبس أفخر ما عند ملابس, وسيكون الموعد في العاشرة, حيث ستجدني في إنتظارك في بهو الفندق. وفندق ستراند بالاس ـ هذا ـ هو فندق عجيب يشبه بيت جحا, وقد أنشيء عام1909, إذ أن جميع المحلات خارجه( جولد سميث للساعات والكريستال ـ ولويد بيكر للجلود ـ وهاوس أوف جيونيسكي للهدايا الإنجليزية التقليدية, لها مداخل بعتبات من الفسيفساء الأبيض والأسود, ولها مخارج تقع في داخل الفندق نفسه, أي أن الإنسان يمكن أن يستخدم أحدها لدخول الفندق من دون أن يتوقع ذلك أي أحد يراقبه, إذ سيظل القائم بالمراقبة يتصور أن الهدف دخل إلي المحل ولم يدخل الفندق. ومن ناحية أخري فإن قهوة وبار جونستون في شارع ليج ستريت الجانبي تفضي هي الأخري إلي داخل الفندق من الجانب المقابل, أي إلي ردهة استقبال الفندق التي تقع في المنتصف ثم يوجد مخرج جانبي يفضي بك إلي خارج الفندق من الناحية اليسري. أي أنك يمكن أن تدخل من جونستون كافيه, وتخرج من إكسترا ستريت, أو تدخل من الباب الرئيسي وتخرج إما من جونستون كافيه, أو إكسترا ستريت, أو تدخل من أي محل, وتخرج من أي مخرج. وكل هذا مناسب جدا للتمويه, وإجراءات تأمين المقابلات فضلا عن أن الموقع قريب جدا من الفندق الذي خطط الموساد لاقامة هشام فيه وهو سافوي كورت. وفي الموعد المضروب عبر هشام محجوب الشارع الذي يفصل بين الفندقين, وابتاع علبه سجائر, وجريدة صباحية إنجليزية ثم دلف إلي فندق استراند من أحد المداخل الفرعية عبر قهوة جونستون. وانتظر هشام في بهو الاستقبال الكبير لمدة عشر دقائق, انتابه فيها قلق كبير, ولكن بظهور إدوارد انفرجت أساريره, كأنه وجد معشوقته وحبيبة قلبه!! وبادره إدوارد قائلا سوف نذهب الآن إلي الشقة التي ينزل بها مدير الشركة البلجيكية. وسأل هشام باستغراب ألم تقل أنه ينزل في فندق إستراند بالاس؟! فأجابه إدوارد لقد وجد بالأمس شقة مناسبة انتقل إليها لأن إقامته في لندن سوف تطول قليلا. وعلي باب الفندق أوقف إدوارد تاكسيا, وطلب منه الذهاب إلي هاي ستريت أوف كينزنجتون. وما إن نزل الرجلان, من سيارة الأجرة, حتي راح إدوارد ينبه هشام الي ضرورة التحدث مع المدير بلغة إنجليزية راقية, ومراعاة أصول الاحترام واللياقة. وإنعطف إدوارد من الشارع الرئيسي ليدخل إلي حديقة كينزنجتون من بوابة بالاس جيت, كان حيث شارع بالاس جرين.. وكأنه أثناء تلك التمشية يكتسح كل شيء حوله بنظره, فيما كان هشام يستجمع نفسه قبل لقاء الرجل الذي سيمنحه الاستقرار المادي, وآفاق نجاح بلا حدود. توقف إدوارد فجاة ـ أمام مبني قديم عمره أكثر من مائة عام, وصعد مع هشام درجتي سلم, قبل أن يقرع الجرس, فيفتح الباب. وما إن دخل هشام نصف خطوة إلي الداخل, حتي فوجئ بأربعة من الحراس المدججين بالسلاح يفتشونه ذاتيا, ثم يقتادونه إلي مكتب أغلقوه عليه, بينما اختفي إدوارد تماما. وبعد ساعة كاملة حضر أدوارد ليخاطب هشام بعبارة حازمة ولهجة خشنة لم يعتدها منه, من قبل: أنت ـ الآن ـ يا عزيزي في السفارة الإسرائيلية.[/rtl] [rtl]تابع الجزء الثالث [/rtl] [rtl] المصادر [/rtl] [rtl] http://www.albayan.ae/one-world/1998-10-17-1.1020548[/rtl] [rtl] http://vb.al-wed.com/showthread.php?s=811e6897a7a9071aa83193daf82b7ba1&t=12453&page=2[/rtl] [size=32]بقلم - ابراهيم نافع[/size] [rtl] التاريخ: 1لالالا7 أكتوبر 1998[/rtl] | |
|